موسيقى تضرب في عمق الروح!

الموسيقى تعزف للمشاعر، تتحدث مباشرة مع أرواحنا، لا ثقافة ولا حروف تَحدّها، إنها مَعين مُنساب لا يوقفه حاجز جغرافي أو معرفي. لكن هل من الممكن أن نسخّر الهواء لنضرب به حركات تعصف من الروح كي تُخرج لنا حروفاً موسيقية من آلةٍ ما؟ ماذا لو كان العزف على الهواء حقيقة و ليس مجرد خيال؟ بل ماذا لو لم يكن هذا ابتكار جديد أصلاً؟ في عام ٢٠٢٠ سوف يحتفل العالم بمرور مائة عام على ميلاد -سحر الفن الفيزيائي- آلة الثيرمين . آلة الثيرمين هي آلة اخترعها الفيزيائي الروسي ليون ثيرمين في عشرينيات القرن الماضي، وتعتبر من أوائل الآلات الموسيقية الإلكترونية. حول ماهية هذا الإبتكار، فإنها آلة موسيقية على شكل صندوق تشبه جهاز الراديو، وتنتج الأنغام الموسيقية عن طريق الحقل الكهرومغناطيسي وموجات الراديو وتأثير الحركة عليه، فهي تحتوي على دائرتين إلكترونيتين عاليتي التردد. استخدمت هذه الآلة قديماً كشكل من أشكال المؤثرات الصوتية ، حيث يقوم عازفها بتحريك يده اليمنى في الهواء المحيط بالآلة، و يده اليسرى فوق حلقة معدنية على الآلة، حركة اليد اليمنى تؤثر في المجال المغناطيسي الممتد لحوالي متر واحد، و تتحكم في شدة الصوت الناتج. إن التفسير الأكثر دقة لمبدأ عمل الثيرمين الداخلي أنها تتألف من أنتينا رأسية تقوم بالتقاط التردّد، وأخرى أفقيّة تقوم بالتقاط مقدار الصوت، وتقوم الأولى بإرسال الذبذبات إلى مضخم الصوت ""أمبليفاير"" ومنها إلى السماعات. استُخدمت الثيرمين في أفلام الرعب و الخيال العلمي ،كما استُخدمت في بعض الأفلام الكوميدية الأمريكية، واستخدمتها بعض الفرق الموسيقية مثل The Beach Boys في أغنيتها Good Vibrations لتضفي طابعاً مميزاً على عملها. هي -الثيرمين- آلة نفسيّة بالمقام الأوّل، عازفُها يبدع نوتات لا يقدر على خلقها سواه، فقط إبداعه يشبه الثيرمين، لا أحد يعرف كيف يعزف ليخرج موسيقاه! إن الأمر هنا ليس مجرد موسيقى تخرج بلا لمس، بل الأمر إبداع موسيقي يدمج ما بين الجسد والعقل، الإنتباه والتشتّت. الثيرمين لغة جسدية متكاملة تلامس قلوب البشر، وقد تكون مقدمة لظهور آلالات موسيقية على غرارها، فقط اجلس وتخيّل ديفيد جاريت بدون كمان!