نظرية الموزة

نظرية الموزة.. ما هي؟ لمَ تسمى هكذا؟ وهل لها علاقة بالموز أساساً؟ عندما كنت طفلاً صغيراً وضعَت لي والدتي موزة في جيب حقيبتي المدرسية، وعند استراحة الظهر في المدرسة فتحت حقيبتي لأتناول الموزة فوجدتها مسحوقة تماماً فتركتها في مكانها على أن أزيلها من الحقيبة لاحقاً، وبسبب عطلة نهاية الأسبوع نسيتها، وعندما فتحت جيب الحقيبة وجدت الموزة وقد أصابها العفن؛ فأغلقت الجيب ولم أخبر أحداً وبقيت الموزة سرّي الدفين لثلاثة أيام إضافية إلى أن أصبحت رائحة الحقيبة لا تطاق، وزملائي يتساءلون: من أين تنبعث هذه الرائحة الكريهة في الصف؟ فقررت عندها مواجهة الوضع وقمت بإزالة آثار الموزة المتعفّنة ونظّفت حقيبتي وأنهيت المشكلة. هذا ما يحصل معنا تماماً، نسحق مشاعرنا جرّاء اختبار مؤلم أو صدمة نتعرّض لها، فنبقيها مخبّأة في جيب حقيبتنا الشعورية، ولا نخبر أحداً عنها؛ فتصاب مشاعرنا بالتلف، رغم إنكارنا وتجاهلنا لها وإحكام الإغلاق عليها. لكن ""رائحة"" اختبارنا المؤلم، الذي قمنا بدفنه داخلنا، تنتقل من داخل ""حقيبة"" مشاعرنا إلى الخارج، فتحوّلنا إلى أشخاص مضطربين، محبطين، نشعر بالكره، بالحقد، بالذنب، أو بالظلم. الحل الوحيد لهذه المشكلة هو مواجهة الأمر، وفتح ""حقيبتنا"" الداخلية لإزالة بقايا مشاعرنا وأحاسيسنا المتعفنة. كيف؟ بالشفافية، بالاعتراف أمام أنفسنا وأمام من نثق بهم بأن لدينا مشكلة حقيقية داخلنا، فالكبت والإنكار، والظهور أمام الآخرين بأن كل شيء على ما يرام يؤذينا ويضعفنا. فمهما كانت محرجة آلية البوح بما في داخلنا، تكون أسهل بعشرات الأضعاف من أن نبقى سجّانين دائمين لآلامنا الدائمة. فلنفتح ""حقائبنا""، ولننظّفها من العفن، ولندع نور الشمس يضيء عتمتها، هذه هي ""نظرية الموزة"" التي طبّقتها على حقيبتي المدرسية. فلنحاول تطبيقها على ""الموز"" المتعفّن في ""حقائبنا"" الداخلية الفكرية، والعاطفية، ولنبدأ معاً حملة النظافة. لنقم بتنظيف حقائبنا -عقولنا الباطنة- من الأفكار السلبية.